ـ كتب: جابر علي أحمد
في ١٩٧٩ عدت إلى اليمن في زيارة صيفية. حينها كنت منتسبا إلى المعهد العالي للموسيقى العربية في القاهرة .سافرت من الحديدة إلى صنعاء باعتبارها محور النشاط الإعلامي والثقافي . توجهت إلى فرقة صنعاء الموسيقية، ووجدت الجمع منهمكا في التدريبات على ( اوبريت ) هيا نغني للمواسم . عرفت أن الكاتب هو الشاعر مطهر الارياني والملحن هو علي الأسدي الذي عرض علي المشاركة بالعزف على الة العود . يومها كانت وزارة الإعلام والثقافة مهتمة بإنجاز هذا العمل .وبعد عودتي إلى القاهرة بدأت أستفسر وأبحث عن دلالة الاوبريت الفنية . وكانت صدمتي عميقة عندما اكتشفت بأن ثمة تعارضا بين ما سمعته في ( هيا نغني للمواسم ) والحيز الدلالي لهذا المصطلح . وأكثر ما حز في نفسي هو التجهيل الذي ينطوي عليه هذا الاستخدام . وبعد أكثر من أربعين سنة من هذا الحدث أجد نخبنا بكل مشاربها قد استسلمت لذلك الاستخدام ، بل وانسحب ذلك على التعامل مع كل المصطلحات المتداولة من حيث الاستخدام الفاسد لتلك المصطلحات متناسين أن الاستخدام الصحيح للمصطلح هو المدخل السليم للتناول العلمي . على كل حال أجدني الآن مرغما على عرض ما يتيسر عن دلالة هذا المصطلح 

فالاوبريت كلمة ايطالية تعني مسرحية غنائية كوميدية . ولهذا فما ينطبق على المسرحية النثرية ينطبق على المسرحية الغنائية من عناصر وأهمها الدراما . فإذا افتقد هذا العنصر من أي عمل جماعي فلا يصح اطلاق مصطلح اوبريت عليه . وباستعراض كل الأعمال الجماعية التي قدمت في اليمن نجدها بعيدة عن حيز هذا المصطلح الدلالي. . الاستثناء الوحيد في هذا السياق هو مسرحية ( نشوان والراعية التي كتبها الفقيد عبدالله سلام ناجي والتي كان لي شرف معالجتها موسيقيا عام ٢٠١٣ . أرجو ألا يفهم ذلك على أنه استثناء يخصني ، فأنا عالجت كثيرا من الأعمال الاستعراضية الجماعية لعل أهمها ( مغناة سد وادي سبأ ) التي قدمت في حضرة الشيخ زايد عام ١٩٨٦ . وكنت دائم الاعتراض على استخدام مصطلح اوبريت لولا التدخلات الادارية الفجة في هذا الأمر . ومن سوء حظ هذا المجتمع تهافت كثير من الشعراء والفنانين على ركوب موجة الاوبريتات حتى من قبل المنشدين الذين اصبحوا يقدمون ابريتاتا مما يعني بأن الجهل عندنا وصل حد الاعتزاز به. 

 

حول الموقع

البيت اليمني للموسيقى والفنون منظمة مجتمع مدني تُعنى بالموسيقى والفنون.